أنهت حرب الـ12 يومًا بين إسرائيل وإيران بسريان وقف هش لإطلاق النار، لكن مراجعة الأثر الاقتصادي للنزاع تكشف أن استمراره لفترة أطول كان ليكون غير قابل للتحمّل اقتصاديًا للطرفين. إيران التي تعيش تحت وطأة العقوبات منذ عقود، واجهت هذه الحقيقة مسبقًا، لكن المفاجأة كانت في هشاشة الاقتصاد الإسرائيلي رغم ما يُشاع عن قوته.

بلغت التكلفة اليومية المباشرة للحرب من جانب إسرائيل 725 مليون دولار، أي أكثر من ثمانية أضعاف الإنفاق الدفاعي اليومي المعتاد، بناءً على مخصصات الدفاع السنوية البالغة نحو 33 مليار دولار في ميزانية 2025. استهلكت الضربات الجوية في أول يومين فقط [نحو 590 مليون دولار]، فيما كلفت عمليات اعتراض الصواريخ على الأقل 200 مليون دولار يوميًا، رغم ذلك، لم تتمكن أنظمة الدفاع من منع الضربات الإيرانية من إلحاق أضرار مباشرة بالمواقع العسكرية والمدنية، وبلغت الخسائر أكثر من 1.5 مليار دولار.

استهدفت الضربات مركز الأعصاب المالي في إسرائيل – بورصة تل أبيب – بشكل مباشر. رغم تعافي الأسهم بسرعة، اعتبر وزير المالية ذلك "دليلًا على صمود الاقتصاد"، إلا أن الخسارة الحقيقية تمثّلت في ضرب مراكز البحث والتطوير، وخاصة معهد وايزمان المرتبط بمشاريع عسكرية، حيث دُمّرت 45 مختبرًا، أحدها احتوى على بيانات وأبحاث تعود إلى أكثر من 22 عامًا.

يتوقع أن ينخفض النمو الاقتصادي لإسرائيل هذا العام بنسبة لا تقل عن 0.2٪، وأن يرتفع العجز في الميزانية إلى 6٪ من الناتج المحلي، متجاوزًا الحد الأقصى المحدد بـ4.9٪. مسؤولون إسرائيليون لمحوا لاحتمال طلب دعم مالي إضافي من الولايات المتحدة لمواجهة آثار الحرب.

أما إيران، فقد واجهت كلفة مالية مماثلة. بلغت تكلفة الصواريخ المستخدمة نحو 800 مليون دولار، أي ما يفوق ميزانيتها الدفاعية لمدة 12 يومًا بناء على المخصص السنوي البالغ 23.1 مليار دولار. طهران تخطط الآن لمضاعفة ميزانيتها الدفاعية ثلاث مرات.

خسرت إيران نحو 1.4 مليار دولار من عائدات النفط خلال الحرب، بعد استهداف منشآت حيوية من بينها حقل "جنوب فارس". وبخلاف إسرائيل، فإن الدفاعات الجوية الإيرانية لم تكن كافية لحماية المنشآت الاقتصادية. لكن رغم ذلك، أظهرت إيران قدرًا غير متوقع من الصمود واستمرت بتصدير النفط جزئيًا عبر أسطول ظل من الناقلات.

الدرس الأساسي لا يتمثل في "تعزيز الصمود" فحسب، بل في الاعتراف بأن القوة الاقتصادية والتكنولوجية لها حدود في وجه الحروب. الاقتصادات المتقدمة قد تبالغ في تقدير قدرتها على تحمّل تكاليف الحرب، ما يجعل قرار بدءها أسهل، رغم أن آثارها الاقتصادية قد تستمر لعقود، ليس فقط بسبب الخسائر المباشرة، بل بسبب ما يُعرف بـتكلفة الفرصة البديلة التي تُهدر حين يُخصّص المال للحرب بدلًا من التعليم أو الصحة أو البنية التحتية.

على الأصوات الإسرائيلية واليهودية أن تطرح أسئلة حاسمة بلا خوف: ما الثمن الحقيقي لمغامرات إسرائيل العسكرية؟ كم من أموال دافعي الضرائب ستُهدر على سفك دماء الأبرياء؟ والأسئلة ذاتها يجب أن تُطرح بقوة داخل الولايات المتحدة، بالنظر إلى دعمها المباشر لهذه الحملات. استمرار القادة السياسيين في مثل هذه الحروب يصبح مستحيلًا عندما يبدأ الرأي العام بمحاسبتهم والاعتراض على تكلفة الحروب التي تُخاض باسمه.

الخلاصة أن صمود الدول لا يُقاس فقط بحجم الميزانيات أو تقدم أنظمتها الدفاعية، بل بقدرتها على تجنب الحروب والحد من نزعات التصعيد العسكري، مهما كان الثمن السياسي.
 

https://www.middleeastmonitor.com/20250710-limits-of-economic-strength-and-resilience-lessons-from-the-israel-iran-war/